انها قصة جد مؤثرة تحكي عن أم رزقت بابن واحد
سهرت على تربيته أحسن تربية و تعليمه أحسن تعليم ، فعملت كطباخة في احدى المدارس
العمومية لتوفر قوت عيشها هي و ابنها اللذان عانيا من فقدان رب البيت الذي توفي ، تلك
المدرسة التي كانت تعمل بها الأم هي نفس المدرسة التي كان يدرس بها ابنها الصغير الذي
كان يكن في قلبه كرها كبيرا لأمه !!! أتدرون لماذا ؟؟ لأنها كانت عوراء أي فقدت احدى عينيها ،
فكان أصدقاؤه يعيرونه بأمه و يسبونه بها و يضحكون عليه ، فتنامى بداخله كره كبير و عميق لأمه
، هذا الكره و هذا الحقد الذي كان يكنه الابن لأمه كبر بكبر سنه و زاد مع تقدم شبابه الى أن
أصبح شخصية مهمة في المجتمع و أصبح أستاذا جامعيا يدرس الأجيال القادمة كل معاني الأخلاق و التربية النظامية ، فقرر هذا الابن مغادرة بلاده و ترك أمه و الذهاب للعمل بسنغفورة
كأستاذ باحدى الجامعات هناك ...
بعد بضع سنوات من هجرة الابن و زورجته و أولاده الى سنغفورة للعمل هناك يفاجأ ذات يوم
بسماع جرس الباب الذي قلما سمعه بديار الغربة هناك بسنغفورة ، فهلع ابنه الصغير لفتح الباب
فاذا به يعود مفزوعا خائفا من شدة ما رآه لكن أتدرون من وجد عند الباب ؟؟ انه الأم العوراء أتت
لكي تطمئن على ابنها الذي هجرها و نهرها بدون أي سبب وجيه سوى أنها كانت فاقدة لاحدى
عينيها !!! لكن سرعان ما تصرف ابنها الأستاذ الجامعي سرعان ما صد في وجهها قائلا : "ما
الذي أتى بكي الى هنا ... لقد أفزعتي لبني الصغير ألا تستحيين من نفسكي . أغربي عن
وجهي ..." هكذا كان استقبال الابن لأمه التي كلفت نفسها عناء السفر و التنقل من أجل رؤية
ابنها الذي هجرها .
بعد ذلك الموقف الخبيث للابن مع أمه و بالتحديد بعد سنة كاملة ، وصلت للابن رسالة من
المدرسة الابتدائية التي كان يدرس بها و التي كانت تشتغل بها أمه في وقت من الأوقات من
أجل توفير العيش و مصاريف الدراسة للابن العاق هذه الرسالة مفادها "دعوة لحضور حفل قدماء
التلاميذ" . فشد الابن و الأستاذ الجامعي الرحال الى موطنه الأصلي لكي يحضر هذا الحفل و
هو يدرك أنه سيلتقي بأمه هناك ... لكن بعد أن بلغ المكان المقصود و انتهت الحفلة تيقن أن أمه
لم تحضر لمراسيم هاته الحفلة فلم يبالي بذلك الأمر ، بعد ذلك خطرت في بال الابن العاق فكرة
الذهاب الى الحي الذي كان يعيش فيه هو و أمه ، لا من أجل الاطمئنان على أمه و زيارتها بل
لاستعادة ذكريات الصبا و اشباع فضوله فقط ، فاذا بأحد جيرانه القدامى بالحي يفاجئه بخبر لم
يكن في الحسبان ، خبر وفاة أمه أسبوعا بعد عودتها من زيارتها له بسنغفورة ، فأعطى ذلك الجار
رسالة خطية كتبتها الأم بخطها لابنها و أمرت باعطائها له فبدأ الابن الكاره لأمه يقرأ تلك الرسالة :
" ابني العزيز ، عندما أتيت الى سنغفورة كنت أمني النفس برؤيتك و ضمك الى حضني ، لكنني
تفاجأت بفزع ابنك حينما رآني بذلك المظهر الذي لا يسرك ، أعتذر منك يا بني على ذلك القلق
الذي سببته لك . كنت أريد أن أخبرك بشيء مهم يا ابني وقع معك أيام كنت صغيرا ، عندما كنت
صغيرا يا بني طرأت لك حادثة خطيرة تسببت لك في فقدان احدى عينيك فلما خفت عنك أن تكبر
أعورا و خفت عليك من استهزاء الناس و ضحكهم عليك و هبتك عيني التي كنت تنظر الي بها
بنظرة الحقد و الكراهية ، منحتك عيني لأني أمك و أحبك و سأبقى أحبك يا بني . أمك !!! " .
في الحقيقة أيها الأحبة لما روى لنا ذلك الخطيب هاته القصة و بعد انتهائها خر كل من في
المسجد بكاءا على هاته الأم النبيلة و الزكية و الرائعة التي ضحت ببصرها من أجل ابنها الذي
بادل تلك التضحية بالكره و الحقد . فيا من يعق والديه راجع نفسك قبل فوات الأوان و اعلم أن
الأم هي الحاجز الذي يقف بينك و بين المصائب و اذهب و تصالح مع أمك لعل الله يغفر لك ما
تقدم من معاملة سيئة للوالدين .
توقيع:
لاتحرموني ردودكمH